​بين "عصا" المسن وجدل "القوانين".. من المستفيد من "ستارة الدخان"؟

​بين "عصا" المسن وجدل "القوانين".. من المستفيد من "ستارة الدخان"؟


​بقلم: عثمان الشويخ
​في الوقت الذي ينشغل فيه الشارع المصري بمتابعة المسارات المصيرية للمؤسسات التشريعية، وما يتردد في أروقة القضاء العالي من شائعات حول "الحسم الدستوري"، نجد أنفسنا فجأة وبدون مقدمات، نغرق في "خناقة مترو" بطلها مسن صعيدي وفتاة وضعت رجلاً على رجل، وبينما تتصارع الآراء بين مؤيد لـ "ضبط المجتمع" ومعارض لـ "الوصاية القهرية"، يطل سؤال ملح برأسه: هل هذه المواجهات عفوية حقاً، أم أنها "ترندات" مصنوعة بدقة لتكون ستارة دخان تحجب الرؤية عن التحديات الكبرى التي تواجهنا في لحظات فارقة؟
​إن المتابع الدقيق لما يجري خلف الستار يدرك أن "الترندات الوهمية" ليست خطراً اجتماعياً فحسب، بل هي بيئة خصبة لنمو "الشائعات القانونية" التي تستهدف ضرب أركان الدولة وتشكيك المواطن في مؤسساته، فبالتوازي مع انشغال الناس بـ "خناقة المترو"، خرجت أخبار زائفة تزعم صدور قرار من محكمة النقض بإحالة الدعوى رقم 7805 إلى المحكمة الدستورية العليا لحل القائمة الوطنية وإبطال نتائج الانتخابات، ورغم كذب هذه الأخبار جملة وتفصيلاً وتأكيد المصادر القانونية أن الدعوى لا تزال مطروحة أمام محكمة النقض ولم يُفصل فيها بعد، إلا أنها تكشف عن مخطط يستهدف إثارة البلبلة؛ فالدولة لا تُدار بالشائعات، والقضاء لا يتحدث إلا بأحكامه الرسمية المُسببة.
​وليس غريباً أن يشتعل "ترند" أخلاقي في توقيتات تموج فيها الساحة العامة بنقاشات حيوية وقضايا مصيرية تشغل بال الرأي العام، وبينما يتسمر الملايين أمام شاشات هواتفهم لمتابعة "فضيحة المترو"، نجد أنفسنا نستهلك وعينا الجمعي في معارك جانبية، وكأن هناك "سحابة دخان" صُنعت بعناية لتصرف الأنظار عن ملاحقة ما يدور في أروقة أخرى أكثر تأثيراً على مستقبلنا، فالشكوك حول كون واقعة المترو "مشهد تمثيلي" أصبحت أقوى من الواقعة نفسها، ففي ظل هوس المشاهدات أصبح من السهل استئجار "جلابية وعصا" لتصوير مواجهة مفتعلة تداعب مشاعر المحافظين وتستفز أنصار الحريات، والنتيجة واحدة: تفاعل وهمي على حساب استقرار الوجدان العام.
​إن الأخطر من ذلك هو استخدام لغة عنصرية تفرق بين أبناء الوطن الواحد، في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى وحدة الصف خلف القيادة السياسية التي تخوض معارك وجودية على جبهات متعددة، وتتحرك بحكمة وثبات وسط إقليم يغلي بالصراعات لضمان أمن واستقرار هذه الدولة من المتربصين بها داخلياً وخارجياً. إن الرجولة المصرية التي يمثلها الصعيد الأصيل بريئة من العنف أو التطاول على النساء، فالكبير بفعله وحكمته وليس باستفزازه، وبالتوازي مع هذا الصراع المفتعل نجد محاولات لإشغالنا بـ "الفوضى المعلوماتية" لنبتعد عن رؤية الجهود الجبارة التي تبذلها الدولة لتثبيت أركان المؤسسات وسط أمواج عاتية من التوترات الإقليمية في دول الجوار، وهو ما يفرض علينا جميعاً التكاتف والالتفاف حول رؤية الدولة التي تسابق الزمن لتحويل التحديات إلى فرص.
​إن الوعي هو حائط الصد الأخير، وبصلاح الأسر واحترام الأصول ينمو المجتمع، ولكن باليقظة لكل ما يُحاك خلف "الترندات" نحمي الوطن، فلا تسمحوا لـ "خناقة مفتعلة" أن تحجب عنكم رؤية المشهد الأكبر، فالقضاء لا يتحدث إلا بأحكامه، والأخلاق لا تُفرض بالعصي، والدولة القوية لا تُدار بالشائعات أو باللقطات المصنوعة.
​حفظ الله مصر وشعبها وجيشها وقياداتها السياسية الحكيمة.