مايا إبراهيم تكتب : شريف وحيد… المنتج الذي حاول أن يسبق الزمن
في مشهدٍ فنيٍّ كان يعجّ بالحركة والطموح، برز اسم شريف وحيد كأحد الوجوه الرائدة التي لم تكتفِ بأن تكون شاهدة على العصر، بل كانت جزءًا فاعلًا في تشكيل ملامحه. رجلٌ امتلك حسّ المنتج، وجرأة الصحافي، وبصيرة المثقف الذي يرى في الفن أكثر من تسلية… يراه التزامًا ورسالة.
تتلمذ على أصول السينما في باريس، وعاد إلى بيروت لا ليحاكي الموجود، بل ليصنع المختلف. امتلك سينما “هوليوود” في قلب العاصمة، وجعل منها مساحةً تعبّر عن ذائقته وتحتضن طموحه، في زمنٍ كانت فيه بيروت تكتب فصولًا ذهبية في الفنّ والإعلام.
عمل في مجال العلاقات العامة ضمن غرفة صناعة السينما في مصر، حيث نسج شبكة علاقات واسعة مع صنّاع الفن العربي، وكان حاضرًا في كواليس صناعة القرار الفني، مؤمنًا بأن الإنتاج لا يقتصر على المال، بل على الرؤية والثقافة.
أنشأ مجلة “دنيا الفن”، التي تحوّلت سريعًا إلى مرجع صحافيّ فني، ترصد التحوّلات، وتضيء على النجوم، وتفتح نوافذ للحوار. لم تكن مجلة تقليدية، بل كانت أشبه بمنبر مفتوح لتوثيق زمنٍ كامل بنبضه وأسراره.
أنتج فيلم “عصابة النساء” عام 1968، في تجربة تعكس اختياراته الجريئة واهتمامه بالموضوعات غير النمطية. لم يكن إنتاجه غزيرًا، لكنه كان نوعيًا، يعبّر عن توقه إلى تقديم سينما تطرح الأسئلة، وتخاطب الوعي قبل العين.
شريف وحيد لم يكن ضيفًا عابرًا في المشهد الفني، بل واحدًا من أولئك الذين رسموا بخطواتهم الهادئة طريقًا خاصًا، فيه الكثير من الوفاء للفنّ، والاحترام للمهنة، والرغبة في أن تبقى الذاكرة حيّة.
في حضوره، كان أنيقًا بالفكر كما بالمظهر، وفي غيابه، ظلّ اسمه يمرّ بصمتٍ مهيب بين صفحات المجلات القديمة وأرشيف الشاشة، كعلامة فارقة لا تزال تُذكر كلّما عاد الحديث عن أولئك الذين آمنوا بالفنّ قبل أن يصبح “صناعة”.
الإعلامية مايا إبراهيم








